خزينة الدولة أصبحت شبيهة بـ'العطار' ولا تُغطي سوى 'نهارين ونص' من نفقات التصرف
حجم الخط
يستعد رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي للإعلان عن تشكيلة الحكومة التي طال انتظارها بعد اخذ ورد وتجاذبات ليتم التوصل في النهاية الى ان المرحلة الحالية تتطلب تكوين حكومة “كفاءات” لإصلاح اوضاع البلاد والعباد ومعالجة انخرام التوازنات المالية العمومية وانقاذ تونس من الانحدار في مسار افلاسها بعد ان اعلن جل الدائنون عن رفع اياديهم على تمويل اقتصادها.
لذلك فان المهمة الصعبة التي ستواجه حتما هذه “الكفاءات” وعلى راسهم الجملي، تتمثل في ادارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في ظل وجود خزينة فارغة للدولة التونسية لا يتجاوز رصيدها 287 مليون دينار حسب البيانات الاحصائية المالية للبنك المركزي التونسي المنشورة امس الجمعة 27 ديسمبر 2019، مما يغطي يومين ونصف، فحسب، من نفقات التصرف في شؤون البلاد – دون اعتبار مصاريف التجهيز والتنمية – المدرجة بميزانية العام الحالي.
وتشمل هذه النفقات الاجور والوسائل والمعدات والتدخلات والتحويلات (25284 مليون دينار) والدعم (4350 مليون دينار) وخدمة الدين العمومي (9307 مليون دينار) وهي تساوي بذلك اجمالا 38941 مليون دينار. ومن المؤسف ان الوضعية التي وصلت اليها البلاد اليوم من فراغ لخزينة الدولة وعجز فادح للميزانية ونقص في السيولة بمعدل 11 مليار دينار يوميا تأتي بعد ان اقترضت الحكومة المغادرة والمتكونة بدورها من افضل ما جادت به البلاد من “كفاءات” وفق رئيسها، هذا العام 2350 مليون دينار من البنوك و 7792 مليون دينار من اكثر من 13 عشر هيئة مالية دولية فضلا عن الحصول على قرض ضخم من السوق المالية لدى عشرات المضاربين والسماسرة قيمته 2679 مليون دينار.
ولكن كل هذه الاموال “التهمت” في نفقات اعتيادية ولم تنل التنمية منها شيئا يذكر. كما انه يصعب كذلك تفسير فراغ خزينة الدولة رغم بيع املاك مصادرة بنحو 390 مليون دينار والحصول على اتاوات من الشركات البترولية بقيمة 1100 مليون دينار وتحصيل مداخيل بعنوان “عبور انبوب الغاز الجزائري” بقيمة 515 مليون دينار وعائدات مساهمات بحوالي 879 مليون دينار وهبات خارجية تقدر بحوالي 150 مليون دينار، جرى استهلاكها ايضا على نفس شاكلة “التهام” القروض.
الشارع المغاربي