تونس: نحو الترفيع في أسعار السكر والقهوة والشاي والأرز الى حين بلوغ الأسعار العالمية

قدَم الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة الياس بن عامر على انظار جلسة عمل وزارية حضرها جل أعضاء الحكومة خطة إعادة هيكلة الديوان الذي يمر بأزمة مالية حادة جعلته عاجزا من الايفاد بتعهداته وتزويد السوق التونسية بالمنتوجات الاستهلاكية الذي يمتلك حصرية توريدها (الأرز والسكر والشاي والقهوة).

وللحد من تدهور الوضعية المالية للديوان التونسي للتجارة وتفاقم خسائره، وتمكينه من الإيفاء بالتزاماته المالية مع المزودين الأجانب ومواصلة تأمين تزويد السوق الداخلية من المواد الأساسية الحساسة المكلف بتوريدها ولتفادي توقف الديوان عن نشاطه، فقد اقترح المسؤول على المدى القصير، اعتماد حقيقة الأسعار.

ويكون اعتماد حقيقة الاسعار بتعديل أسعار البيع من خلال تعديل (الترفيع) أسعار بيع السكر الموجه للصناعيين على أساس سعر الكلفة والتخلي عن تسويق السكر السائب بالإضافة الى الترفيع التدريجي في أسعار السكر المعلب إلى غاية تحقيق سعر التوازن مع الترفيع التدريجي في أسعار القهوة إلى غاية تحقيق سعر التوازن الترفيع في أسعار الشاي والأرز على أساس سعر الكلفة.

إعادة هيكلة الديوان

وبالنسبة الى الحلول على المديين المتوسط والبعيد فانه تم اقتراح إعداد برنامج لإعادة هيكلة وتموقع الديوان باتجاه وضع العناصر المرجعية العامة للدراسة المستقبلية حول تطوير نشاط الديوان وإعداد تصور نموذج اقتصادي لهذه المؤسسة.

ومن المنتظر أن تشمل الدراسة التشخيص الاستراتيجي للديوان (دراسة المؤسسة والمحيط)، من جهة، ومجالات النشاط (المواد الأساسية، اللوجيستيك والتجارة...)، من جهة أخرى، وذلك بهدف تحديد مكامن القوة والضعف والتموقع الحالي والمستقبلي والمجالات الواعدة، وهو ما سيمكّن من تحديد المهمة الأساسية ونموذج الأعمال الرئيسي والرؤية الاستراتيجية الشاملة للديوان.

ومن ثمة ستتم صياغة أهداف ومناهج استراتيجية محددة لكل قطاعات النشاط وخاصة المواد الأساسية (دراسة تحرير الأنشطة) وترجمتها إلى مقترحات إجراءات إصلاح عملية (مؤسساتية، تنظيمية، إعادة هيكلة الديوان) وكذلك إعداد برنامج تنفيذي للاستراتيجيات المنبثقة (الموارد، التوقيت، مؤشرات الأداء...).

وتشتمل مجالات الأنشطة المقترحة استغلال مراكز الديوان لإنشاء وإدارة شبكة منصات لوجستية ذكية في خدمة الآخرين (خدمة للموردين، التجارة الإلكترونية،) عبر استغلال موارد الديوان اللوجستية والاستفادة من تجربته في مجال التجارة الدولية (سلسلة التوريد الإجمالية) مع تقديم خدمات لصالح المصدرين والموردين من حيث الإحاطة والمساندة والمرافقة من خلال توفير الخبرة البشرية والمساعدة اللوجستية والمعلوماتية والقانونية (الوطنية والدولية) في القطاع التجاري،

الى ذلك إمكانية إحداث مناطق حرة للأنشطة التجارية على غرار المنطقة الحرة التجارية واللوجستية ببن قردان (الشريط الحدودي التونسي الجزائري مثلا) وتعزيز التجارة الإلكترونية (الدراسات القطاعية، خدمات مساندة وإيواء مشاريع) وكذلك إحداث منصة الكترونية لتجارة التوزيع، وإمكانية تكوين مجمع شركات متعددة القطاعات (الديوان والشركة التونسية للسكر) والشركات التي يمتلك الديوان غالبية رأس مالها.

وفي تعقيبهم على الإجراءات المقترحة وخطة إعادة هيكلة الديوان التونسي للتجارة تناوب أعضاء الحكومة على التعاليق على هذه الإجراءات، اذ توقع سمير سعيد، وزير الاقتصاد والتخطيط، أن تبلغ الخسائر المالية للديوان 500 مليون دينار في موفى هذه السنة، متأتية خاصة من السكر والقهوة.

واوضح انه يتعيّن اعتماد حقيقة الأسعار وتوجيه الدعم لمستحقيه وتمكين الديوان من تغطية تكاليف ترويج هذه المواد وتحسين مردوديته المالية، بالتوازي مع اعتماد خطة اتصالية لترشيد استهلاك هذه المواد.

ومن جانبها أكّدت سهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية، على ضرورة تعديل الأسعار المعتمدة من قبل الديوان، مع الحرص على توجيه دعم السكر العائلي إلى مستحقيه، ومضيفة أنّ منح ضمان الدولة للديوان للحصول على تمويل من البنوك سينجر عنه ارتفاع حجم التداين العمومي إلى 100 %، وهو ما سينعكس سلبا على التصنيف الائتماني لتونس ونسق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وأبرزت أنّ تكفّل الدولة بديون الديوان يجب أن يتم في إطار قانون وبالاستناد إلى أسباب معللة، وذلك في إطار برنامج إعادة هيكلة.

وبيّن محمد المعز بلحسين، وزير السياحة، أنّ إنجاز دراسة في ظرف 18 شهرا تعتبر مدة طويلة، خاصة مع ضرورة إيجاد رؤية واضحة للديوان، مقترحا اختزال الفترة إلى 6 أشهر، وأبدى استغرابه من ارتفاع نسبة الخسائر التي يتكبدها الديوان جرّاء مادة السكر، والتي تصل إلى 58 %، ومتسائلا عن النسبة الموجهة للاستهلاك العائلي.

وبيّنت فضيلة الرابحي بن حمزة، وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، أنه تم منذ ثمانينيات القرن الماضي تصنيف القهوة والسكر والشاي على أنها مواد أساسية والدولة تتحمل كافة الخسائر وحاليا تتكبد المالية العمومية خسائر تقدّر بمليون دينار يوميا جراء دعم مادة السكر.

وابرزت أنه يتعين في مرحلة أولى دراسة انعكاسات تطبيق حقيقة الأسعار لضمان النجاعة اللازمة، خاصة في ظل عدم اقتحام الخواص لهذا المجال إلاّ بعد تحرير الأسعار.

مهدي الزغلامي