تقرير البنك المركزي: الدولة «مُسَالَة» في «21.000 مليار» لدى البنوك التونسية !
حجم الخط
كريمة السعداوي: وفقا للمؤشرات النقدية والمالية الصادرة اليوم 24 اوت 2022 بالموقع الرسمي للبنك المركزي التونسي ارتفعت قيمة قروض البنوك للخزينة العامة للدولة الى 20.541 مليار دينار وهو مستوى قياسي يفسّر بالأساس بزيادة القروض البنكية قصيرة المدى للدولة بـ 174.7مليون دينار لتناهز 5238.2 مليون دينار مقابل تراجع القروض طويلة المدى بقيمة 1364.6 مليون دينار الى 15302.7 مليون دينار. ويرجع هذا التراجع الى نقص السيولة لدى البنوك والذي يبلغ حاليا 11.9 مليار دينار، من ناحية والى تقدير مؤسسات القرض مزيد ارتفاع نسبة الفائدة المديرية في الفترة القريبة القادمة مما ينعكس على مردودية اقراض الدولة على المدى القصير، من ناحية اخرى.
في جانب اخر، تبرز معطيات مؤسسة “التونسية للمقاصة” وهي الهيكل الحكومي المكلف بعمليات الايداع المركزي للأوراق المالية ان البنوك اقرضت الدولة بداية هذا الاسبوع 365 مليون دينار تسدد على 13 اسبوعا بنسبة فائدة تساوي 7.2 بالمائة وذلك في اطار سعي السلط المالية لتوفير السيولة اللازمة لإرجاع القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني 2021 الذي حل اجل خلاصه والمقدر بنحو 98.7 مليون دينار.
كما تبيّن ذات المعطيات ان الخزينة العامة للدولة التونسية ستسدد عام 2023 ديونا للبنوك في شكل رقاع خزينة بقيمة 5851 مليون دينار منها 3016 مليون دينار في شكل رقاع خزينة قصيرة المدى.
ويصل الحجم الاجمالي لقائم القروض الداخلية، وفق اخر البيانات الاحصائية لوزارة المالية بعنوان شهر ماي 2022، الى 41.5 مليار دينار مما يمثل 38.5 بالمائة من اجمالي الدين العمومي. ويتكون قائم القروض الداخلية من قروض بنكية مجمعة وسندات خزينة مكتتبة من قبل البنوك والمؤسسات المالية وقروض رقاعية تساهم البنوك تقريبا بالكامل في تعبئتها. وترتب عن الاقتراض الداخلي سداد 4.3 مليارات دينار منها مليار دينار فوائد وذلك خلال الأشهر الخمس الأولى من العام الحالي، فحسب.
يذكر ان وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، كانت قد أوضحت في تقرير أصدرته في 27 جوان الفارط حول القطاع البنكي التونسي، أنّ آفاق نشاط البنوك سيكون سلبياً بين الـ 12 و18 شهراً المقبلة، نتيجة النسق المكثف لقروضها للحكومة من ناحية، والبيئة التشغيلية المتسمة بتصاعد مخاطر الاضطرابات السياسية والاقتصادية، منذ أن أصبحت السلطة التنفيذية بيد الرئيس قيس سعيّد، من ناحية اخرى.
وركزت “موديز”، في تقريرها على ان التقييم السلبي لآفاق البنوك يرجع لشدة تعرّضها لمخاطر القروض المسندة للدولة في إطار التمويل الداخلي للميزانية والتي تعتبر آفاقها سلبية أيضاً. كما حذرت الوكالة الدولية من تعرض القطاع البنكي لتعثر الحرفاء في سداد القروض بما يمكن ان يؤثر على جودة الأصول علاوة على تفاقم تأثير الضغوط التضخمية على نشاط القطاع وهي التي احتدت بسبب تأثير الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، مرجحة انخفاض العملة الوطنية، خصوصا في صورة فشل المفاوضات حول خطة إنقاذ ثالثة مع صندوق النقد الدولي.
وقدرت الوكالة كذلك أن يؤدي فشل المفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج التمويل، إلى تفاقم مشكلة القروض البنكية المتعثرة، وزيادة نقص السيولة وخطر تراجع مردودها مبرزة انه من الوارد تعرض تآكل اموالها الذاتية بنسبة 120 بالمائة بسبب ارتفاع مخاطر اقراض الحكومة.
كما تم التأكيد أيضاً على أنّ الركود الناجم عن فيروس كورونا في عام 2020، والعجز المالي المستمر والعجز في الحساب الجاري، وعدم القدرة على الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، ستؤثر في ملاءة البنوك وسيولتها على مدى يتراوح بين الـ 12 و18 شهراً المقبلة.