رغم امتلاكه لـ14 شركة و"Tunisia Mall": ماهر شعبان مسجل عامل يومي في القباضة
حجم الخط
في السنوات التي تلت 2011، احتفت العديد من وسائل الإعلام التونسيّة برجل الأعمال ماهر شعبان، مشيدة بما تعتبره قصص نجاح في تونس وخارجها.
بدأ اسم ماهر شعبان يطفو على السطح بشكل بارز في السنوات اللاحقة لثورة جانفي/ كانون الثاني 2011. وفي عام 2014 كان ماهر شعبان من بين رجال الأعمال الذين أسال لعابهم بهرج أضواء النشاط السياسي ، فالتحق بحزب نداء تونس كداعم لها ثمّ كعضو بها، ليترشّح باسمها رسميّا للانتخابات التشريعية في عام 2019 ممثلا عن جهة صفاقس، لكنه فشل في نيل ثقة أبناء منطقته.
في الأعوام السابقة لتقديم ترشحه للانتخابات، نمت استثمارات ماهر شعبان بشكل لافت للانتباه. خلال سنوات قليلة دشّن فضاءه التجاري العملاق “تونيزيا مول” ونزل “آدام”، فضلا عن عديد الفضاءات الأخرى، بالإضافة إلى عدد من المقاسم السكنية، جميعها بمنطقة البحيرة 2 التي أسّس فيها شركة تختص في مجال مآوي ووقوف السيارات، ونجح في الفوز بعقد مع بلدية حلق الوادي لتنظيم الوقوف والتوقف بذات المنطقة.
يستعدّ شعبان لتدشين فضائين تجاريين جديدين بكل من منطقة حي النصر بالعاصمة تونس وبجهة صفاقس في الجنوب التونسي، مسقط رأسه، ليكون بذلك أكثر رجل أعمال امتلاكا لفضاءات تجارية ضخمة في الجمهورية التونسيّة.
رغم امتلاكه لـ 16 شركة تنشط في مجالات المقاولات والسياحة والخدمات والحديد وغيرها، يقدّم رجل الأعمال ماهر شعبان نفسه إلى مصالح الجباية التونسية على أنه عامل يومي.
نجح شعبان بشكل ما في التهرّب من دفع الجباية طيلة كل هذه السنوات. مصادرنا من داخل إدارة الجباية أكّدت أنّ الرجل يصرّح في السنوات الأخيرة بمدخول سنوي لا يتجاوز الـ 28 ألف دينار فقط رغم ثروته المتراكمة سنة بعد سنة.
على شاكلة ماهر شعبان، يستفيد العديد من رجال الأعمال في تونس من ضعف إمكانيات أجهزة الرقابة خاصة المتصلة بإدارة الجباية، فضلا عن كثرة المتدخلين وغياب تنسيق المعلومات بين مختلف الإدارات. ففي الوقت الذي يعرّف ماهر شعبان إعلاميا نفسه كرجل أعمال ناجح وله استثمارات ضخمة في تونس وخارجها، تعرّفه سجلّات إدارة الجبائية على أنه عامل يومي.
في وقت قياسي، تحوّل ماهر شعبان إلى ما يشبه “باي الأمحال” ـ نسبة إلى المحلّة وهي فرقة عسكرية ـ الذي يقوم بجمع المجبى بحقّ أو دون حقّ خلال عهد البايات الحسينيّين في تونس، منصبا نفسه في هيئة الرجل القوي صاحب النفوذ الواسع في منطقة البحيرة 2، مستفيدا من شركة “النخبة” وسياراتها التي تجوب المنطقة شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، لجمع أكثر ما يمكن من عائدات “الشنقال” الماليّة من جيوب المواطنين التونسيين والسياح الأجانب على حدّ سواء، دون مراعاة لأدنى مقتضيات القوانين والالتزامات المنظمة للعملية.
وتُمثل جريمة التهرب الضريبي ثقبا في خاصرة الدولة التونسية التي لم تتقدّم في السنوات الماضية بحلول جذرية لإصلاح المنظومة الجبائية ومنظومة الرقابة على الشركات. فيما اقتصرت سياساتها على بعض الإجراءات التي يتم تضمينها في عدد من القوانين المالية بغرض الحدّ من التهرّب الضريبي، من ذلك الضريبة على الدخل الفردي والتي بقيت مقتصرة فقط على الأجراء.
ورغم وجود عديد الفصول القانونية المتعلّقة بتجريم الغش والتهرب الضريبيين، إلا أنّ المداخيل الجبائية المتأتية من الشركات الناشطة في تونس لا تمثّل سوى النزر القليل من إجمالي عائدات الدولة من الضرائب المباشرة التي تفرضها على مواطنيها.